[آخر المواضيع][6]

مقالات
وقضايا
مناسبات
محليات
محافظات
أخبار
سياسة
شعر
أخبار عربية
اخبار عربية
شعر عامية
قضايا
برقية تهنئة
ثقافة
اخبار عالمية
فنون
تعليم
اخبار
رياضة
أخبار عالمية
شعر شعبى
حوادث وقضايا
صحه
تعليم عالى
وفنون
دينية
دين
برقية عزاء
الاحزاب
ريلضة
سياسه
حوارات ولقائات
الجامعى
وغنائى
قصه وعبره
المرآة
المر آة شخصيات
خبرعاجل
تحقيقات
وفيات
أخبار خبرعاجل
و
قصه
وزارة .
جمعيات خيرية
الازهر
خبر عاجل
م
حوادث
تهنئة
برقية
مال واعمال
وجامعى
.
ه
جمعيات
اعلان
الازهر الشريف
أخباررياضة
الوفيات
عالمية
الشريف
المطبخ والشيف والماكولات
الارصاد الجوية
الأوقاف
المالية
خبار
سيارات
م وقضايا
وزارة الأوقاف
الطب
ندوة
أندية ريا ضية
حوارات
ومثلثلات وافلام
الشباب
بطولات
تربية
حب
مال
ا
السياحة
خيرية

خدماتنا


البدعة والقيود الشرعية وعلاقتها بالسنة والمعصية والمصلحة المرسلة وخصائصها


 البدعة والقيود الشرعية وعلاقتها بالسنة والمعصية والمصلحة المرسلة وخصائصها

روعة محسن الدندن/ سوريا

معنى البدعة في اللغتين
أحدهما :الشيء المخترع على غير مثال سابق، ومنه قول الله تعالى " قل ما كنت بدعا من الرسل"
وجاء على هذا المعنى قول عمر رضي الله عنه "نعمت البدعة"
وقول غيره من الأئمة ؛فما وافق السنة فهو محمود ،وما خالف السنة فهو مذموم"
قال ابن رجب (جامع العلوم والحكمة ص ١/١٢٩)
وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع فإنما ذلك في البدع اللغوية لا الشرعية،فمن ذلك قول عمر رضي الله لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد،وخرج ،ورأهم يصلون كذلك فقال نعمت البدعة هذه"
والمعنى الثاني:
التعب والكلال، يقال : أبدعت الإبل، إذا بركت في الطريق من هزال أو داء أو كلال،ومنه قول الرجل الذي جاء إلى النبي صل الله عليه وسلم فقال: إني أُبدع بي فأحملني فقال ماعندي
فقال رجل :يا رسول الله أنا أدله على من يحمله فقال رسول الله صل الله عليه وسلم "من دل على خير فله مثل أجر فاعله"
أما البدعة في الشرع فقد وردت في السنة المطهرة أحاديث نبوية فيها إشارة إلى المعنى الشرعي للفظ البدعة ومنها
١- حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه،وفيه: قوله صل الله عليه وسلم:( وإياكم ومحدثات الأمور؛فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة)

٢- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه،وفيه: أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول في خطبته:
(إن أصدق الحديث كتاب الله،وأحسن الهدي هدي محمد،وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار)

٣- حديث عائشة رضي الله عنها وهو قوله صل الله عليه وسلم:(من أحدث في أمرنا هذا ماليس من فهو رد)

٤- وفي رواية ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)

وأما حقيقتها في نظر الشارع ذلك أن للبدعة الشرعية قيودا ثلاثة تختص بها،والشيء لا يكون بدعة في الشرع إلا بتوفرها فيه ،وهي:
١- الإحداث
والدليل على هذا القيد قوله صل الله عليه وسلم:" من أحدث" وقوله:" وكل محدثة بدعة
والمراد بالإحداث : الإتيان بالأمر الجديد المخترع،الذي لم يسبق إلى مثله. فيدخل فيه: كل مخترع،مذموما كان أو محمودا،في الدين كان أو غيره
وبهذا القيد خرج ما لا إحداث فيه أصلا؛ مثل فعل الشعائر الدينية كالصلوات المكتوبات،وصيام شهر رمضان،ومثل الإتيان بشيء من الأمور الدنيوية كالطعام واللباس ونحو ذلك.
ولما كان الإحداث قد يقع في شيء من أمور الدنيا ،وقد يقع في شيء من أمور الدين؛تحتم تقيد هذا الإحداث بالقيدين الآتين:
٢- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين
٣- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي؛ بطريق خاص أو عام

قال ابن رجب :"فكل من أحدث شيئا ونسبه إلى الدين ،ولم يكن له أصل من الدين يرجع إليه؛ فهو ضلالة ،والدين منه بريء"
وقال أيضا :" والمراد :ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه ،فأما ما كان له أصل من الشرع يدل عليه فليس ببدعة شرعا ،وإن كان بدعة لغة"

وقال ابن حجر : "والمراد بقوله:(كل بدعة ضلالة) ما أحدث ولا دليل له من الشرع بطريق خاص ولا عام"
وقال أيضا في الحديث( من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد) معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده ؛فإن من اخترع في الدين ما لا يشهد له أصل من أصوله فلا يلتفت إليه"
والقيد الثاني للبدعة الشرعية
٢- أن يضاف هذا الإحداث إلى الدين. فالدليل عليه قوله صل الله عليه وسلم :"في أمرنا هذا". والمراد بأمره ها هنا : دينه وشرعه
فالمقصود في البدعة : أن يكون الإحداث من شأنه أن ينسب إلى الشرع ويضاف إلى الدين بوجه من الوجوه، وهذا المعنى يحصل بواحد من أصول ثلاثة :
الأصل الأول:التقرب إلى الله بما لم يشرع،
والثاني : الخروج على نظام الدين، ويلحق بهما أصل ثالث، وهو الذرائع المفضية إلى البدعة.
وبهذا القيد تخرج المخترعات المادية والمحدثات الدنيوية مما لا صلة له بأمر الدين، وكذلك المعاصي والمنكرات التي استحدثت ، ولم تكن من قبل ،فهذه لا تكون بدعة ،اللهم إلا إن فُعلت على وجه التقرب،أو كانت ذريعة إلى أن يظن أنها من الدين.
٣- ألا يستند هذا الإحداث إلى أصل شرعي ؛بطريق خاص ولا عام.
واما الدليل على هذا القيد: قوله صل الله عليه وسلم:"ما ليس منه" وقوله "ليس عليه أمرنا"
وبهذا القيد تخرج المحدثات المتعلقة بالدين مما له أصل شرعي، عام أو خاص، فمما أُحدث في الدين وكان مستندا إلى دليل شرعي عام: ما ثبت بالمصالح المرسلة؛مثل جمع الصحابة رضي الله عنهم للقرآن، ومما أُحدث في هذا الدين وكان مستندا إلى دليل شرعي خاص: إحداث صلاة التراويح جماعة في عهد عمر رضي الله عنه فإنه قد استند إلى دليل شرعي خاص .ومثله أيضا إحياء الشرائع المهجورة، والتمثيل لذلك يتفاوت بحسب الزمان والمكان تفاوتا بيِّنا ،ومن الأمثلة عليه ذكر الله في مواطن الغفلة.
وبالنظر إلى المعنى اللغوي للفظ الإحداث صح تسمية الأمور المستندة إلى دليل شرعي محدثات ؛فإن هذه الأمور الشرعية اُبتدىء فعلها مرة ثانية بعد أن هُجرت أو جُهلت ،فهو إحداث نسبي.
ومعلوم أن كل إحداث دل على صحته وثبوته دليل شرعي فلا يسمى -في نظر الشرع- إحداثا، ولا يكون ابتداعا ، إذ الإحداث والإبتداع إنما يطلق -في نظر الشرع- على ما لا دليل عليه.

فالتعريف الشرعي للبدعة:
البدعة هي : " ما أُحدث في دين الله،وليس له أصل عام أو خاص يدل عليه"
أو بعبارة أوجز:" ما أُحدث في الدين من غير دليل"
وللموازنة بين المعنى اللغوي للبدعة والمعنى الشرعي وذلك من وجهين:

١- أن المعنى اللغوي للبدعة أعم من المعنى الشرعي، فإن بينهما عموما وخصوصا مطلقا ؛ إذ كل بدعة في الشرع داخلة تحت مسمى البدعة في اللغة ،ولا عكس؛ فإن بعض البدع اللغوية - كالمخترعات المادية- غير داخلة تحت مسمى البدعة في الشرع.

٢- أن البدعة بالإطلاق الشرعي هي : البدعة الواردة في حديث (كل بدعة ضلالة)دون البدعة اللغوية، ولذلك فإن البدعة الشرعية موصوفة بأنها ضلالة، وأنها مردودة ، وهذا الاتصاف عام لا استثناء فيه، بخلاف البدعة اللغوية فإنها غير مقصودة بحديث (كل بدعة ضلالة) فإن البدعة اللغوية لا يلزمها وصف الضلالة والذم ، ولا الحكم عليها بالرد والبطلان.

يقول الكاتب (محمد بن حسين الجيزاني)
أن المقصود من جمع قواعد معرفة البدع وترتيبها أن يستبين طريق الضلالة والابتداع ،وأن يرفع الالتباس بين السنن والبدع
وهما أمران لا ثالث لهما: اتباع السنة،واتباع الهوى.
فمن أراد اتباع هواه فسيسلك لذلك بُنيات الطريق ،وسيجد هنا لذلك : عمومات ،او قياساً، أو قول صحابي أو تابعي، أو رأياً لبعض أهل العلم، وجمع هذه في ظاهرها أدلة، وماهي -عند التحقيق- بأدلة.
وكل صاحب مذهب لا يعجزه أن يستدل لمذهبه بدليل شرعي؛ صح أو لم يصح، والحق- يا مبتغيه- إما يُبتغى في اتباع الدليل واقتفاء السبيل الواضح، لا في موافقة جمهور الناس ومجاراتهم ، والتوسعة عليهم.
واعلم أن المتعرض لمثل هذا الأمر - أعني مخالفة جمهور الناس وعوائدهم- ينحو نحو الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى في العمل حيث قال: ألا وإني أُعالج أمرا لا يعين عليه إلا الله، قد فني عليه الكبير، وكبر عليه الصغير، وفصح عليه الأعجمي ، وهاجر عليه الأعرابي حتى حسبوه ديناً لا يرون الحق غيره)
وعند الموازنة بين المعنى اللغوي للبدعة والمعنى الشرعي وذلك من وجهين:

١- أن المعنى اللغوي للبدعة أعم من المعنى الشرعي، بينهما عموما وخصوصا مطلقا؛إذ كل بدعة في الشرع داخلة تحت مسمى البدعة في اللغة، ولا عكس؛ فإن بعض البدع اللغوية - كالمخترعات المادية- غير داخلة تحت مسمى البدعة في الشرع.

٢- أن البدعة بالإطلاق الشرعي هي : البدعة الواردة في حديث"كل بدعة ضلالة" دون البدعة اللغوية ، ولذلك فإن البدعة الشرعية موصوفة بأنها ضلالة، وأنها مردودة ، وهذا الاتصاف عام لا استثناء فيه، بخلاف البدعة اللغوية فإنها غير مقصود بحديث" كل بدعة ضلالة" فإن البدعة اللغوية لا يلازمها وصف الضلالة والذم ، ولا الحكم عليها بالرد والبطلان.

أما العلاقة بين الابتداع والإحداث يردان في اللغة بمعنى واحد؛ إذ معناهما: الإتيان بالشيء المخترع بعد أن لم يكن.
وأما في المعنى الشرعي فقد دلت الأحاديث الأربعة
١- حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه،وفيه: قوله صل الله عليه وسلم:( وإياكم ومحدثات الأمور؛فإن كل محدثة بدعة ،وكل بدعة ضلالة)

٢- حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه،وفيه: أن النبي صل الله عليه وسلم كان يقول في خطبته:
(إن أصدق الحديث كتاب الله،وأحسن الهدي هدي محمد،وشر الأمور محدثاتها،وكل محدثة بدعة،وكل بدعة ضلالة،وكل ضلالة في النار)

٣- حديث عائشة رضي الله عنها وهو قوله صل الله عليه وسلم:(من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد)

٤- وفي رواية ( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)

على أن للبدعة في الشرع اسمين: البدعة والمحدثة.
إلا أن لفظ البدعة غلب إطلاقه على " الأمر المخترع المذموم،في الدين خاصة"
وأما لفظ المحدثة فقد غلب إطلاقه على " الأمر المخترع المذموم، في الدين كان أو في غيره"
وبهذا يعلم أن الإحداث أعم من الابتداع؛ لكون لفظ الإحداث شاملا لكل مخترع مذموم، في الدين كان أو في غيره، إذ يدخل في معنى الإحداث : الإثم وفعل المعاصي، ومنه قوله صل الله عليه وسلم:" من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا" قال ابن حجر : " أي أحدث المعصية"
وبذلك يتبين لنا أن لفظ المحدثة- بهذا النظر- متوسط بين معنيي البدعة في اللغة والشرع، فهو أخص من معنى البدعة في اللغة، وأعم من معناها في الشرع.
فتحصل لدينا ثلاثة معان:

١- الأمر المخترع، مذموم كان أو محمودا، في الدين كان أو في غيره.

٢- الأمر المخترع المذموم، في الدين كان أو في غيره.

٣- الأمر المخترع المذموم، في الدين خاصة.
فالأول عام، وهو المعنى اللغوي للبدعة وللمحدثة.
والثاني خاص، وهو المعنى الشرعي- الغالب- للمحدثة.
والثالث أخص، وهو المعنى الشرعي للبدعة، وهو - أيضا- المعنى الشرعي الآخر للمحدثة.

وأما عن العلاقة بين البدعة والسنة والعلاقة بين البدعة والمعصية
كما جاء في كتاب (قواعد معرفة البدع ) للأستاذ محمد بن حسين الجيزاني
حول العلاقة بين البدعة والسنة
يأتي نظير لفظ البدعة -في هذين الإطلاقين :اللغوي والشرعي- لفظ السنة ،وبيان ذلك:

١- بالنظر إلى المعنى اللغوي:
تأتي السنة في اللغة بمعنى البدعة في اللغة ؛ إذ السنة لغة بمعنى الطريقة ؛ حسنة كانت أو سيئة فكل من ابتدأ أمرا عمل به قومٌ من بعده قيل هو سنة
فالسنة والبدعة - في المعنى اللغوي- لفظان مترادفان.
ومن الأمثلة على ورود لفظ السنة بمعناه اللغوي قول الرسول صل الله عليه وسلم (من سَنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سَنَّ في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء)

٢- بالنظر إلى المعنى الشرعي:
تأتي السنة بالمعنى الشرعي في مقابل البدعة بالمعنى الشرعي؛ إذ السنة شرعا هي طريقة النبي صل الله عليه وسلم وأصحابه، والبدعة هي ما كان مخالفا لطريقة صل الله عليه وسلم وأصحابه.

فالسنة والبدعة - في المعنى الشرعي- لفظان متقابلان، فمن ذلك:
قول النبي صل الله عليه وسلم:
( ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة ، فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة )
وقوله صل الله عليه وسلم:
( فإن لكل عابد شرة ،ولكل شرة فترة؛ فإما إلى سنة وإما إلى بدعة ،فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك)

وأما عن العلاقة بين البدعة والمعصية.
أ- وجوه اجتماع البدعة مع المعصية:

١- أن كلا منهما منهي عنه ، مذموم شرعا، وأن الإثم يلحق فاعله ، ومن هذا الوجه فإن البدع تدخل تحت جملة المعاصي.
وبهذا النظر فإن كل بدعة معصية، وليس كل معصية بدعة.

٢- أن كلا منهما متفاوت ، ليس على درجة واحدة ؛ إذ المعاصي تنقسم - باتفاق العلماء- إلى ما يكفر به، وإلى كبائر وإلى صغائر ، وكذلك البدع؛ فإنها تنقسم إلى ما يكفر به،وإلى كبائر وإلى صغائر.

٣- أنهما مؤذنان باندراس الشريعة وذهاب السنة؛ فكما كثرت المعاصي والبدع وانتشرت كلما ضعفت السنن، وكلما قويت السنن وانتشرت كلما ضعفت المعاصي والبدع، فالبدعة والمعصية - بهذا النظر - مقترنان في العصف بالهدى وإطفاء نور الحق ، وهما يسيران نحو ذلك في خطين متوازيين. يوضح هذا:

٤- أن كلا منهما مناقض لمقاصد الشريعة ، عائد على الدين بالهدم والبطلان.

ب- وجوه الإفتراق بين البدعة والمعصية:
١- تنفرد المعصية بأن مستند النهي عنها- غالبا- هو الأدلة الخاصة ،من نصوص الوحي أو الإجماع أو القياس، بخلاف البدعة، فإن مستند النهي -غالبا- هو الأدلة العامة، ومقاصد الشريعة، وعموم قوله صل الله عليه وسلم:"كل بدعة ضلالة"

٢- وتنفرد البدعة بكونها مضاهية للمشروع، إذ هي تضاف إلى الدين، وتلحق به، بخلاف المعصية فإنها مخالفة للمشروع، إذ هي خارجة عن الدين ، غير منسوبة إليه، اللهم إلا إن فُعلت هذه المعصية على وجه التقرب، فيجتمع فيها- من وجهين مختلفين- أنها معصية وبدعة في آن واحد.

٣- وتتفرد البدعة بكونها جرما عظيما بالنسبة إلى مجاوزة حدود الله بالتشريع، إذ حاصلها مخالفة في اعتقاد كمال الشريعة ، ورمي للشرع بالنقص والاستدراك ،وأنها لم تكتمل بعد، بخلاف سائر المعاصي، فإنها لا تعود على الشريعة بتنقيص ولا غض من جانبها، بل صاحب المعصية متنصل منها ، مقر بمخالفته لحكمها.

٤- وتنفرد المعصية بكونها جرما عظيما بالنسبة إلى مجاوزة حدود الله بالانتهاك، إذ حاصلها عدم توقير الله في النفوس بترك الانقياد لشرعه ودينه، وكما قيل:( لا تنظر إلى صغر الخطيئة ، ولكن انظر إلى من عصيت) ، بخلاف البدعة، فإن صاحبها يرى أنه موقر لله، معظم لشرعه وينه، ويعتقد أنه قريب من ربه، وأنه ممتثل لأمره ، ولهذا كان السلف يقبلون رواية المبتدع إذا لم يكن داعية إلى بدعته، ولم يكن ممن يستحل الكذب، بخلاف من يقترف المعاصي فإنه فاسق، ساقط العدالة، مردود الرواية باتفاق.

٥- ولأجل ذلك أيضا فإن المعصية تنفرد بأن صاحبها قد يُحَّدث نفسه بالتوبة والرجوع، بخلاف المبتدع، فإنه لا يزيد إلا إصرارا على بدعته لكونه يرى عمله قربة ، خاصة أرباب البدع الكبرى كما قال تعالى:(أفمن زين له سوء عمله فرآه حسناً)
وقد قال سفيان الثوري:(البدعة أحب إلى إبليس من المعصية،لأن المعصية يتاب منها والبدع لا يتاب منها)
وفي الأثر أن إبليس قال:(أهلكت بني آدم بالذنوب، وأهلكوني بالاستغفار وب"لا إله إلا الله" فلما رأيت ذلك بثثت فيهم الأهواء، فهم يذنبون ولا يتوبون، لأنهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا)

٦- ولذلك فإن جنس البدعة أعظم من جنس المعصية، ذلك أن " فتنة المبتدع في أصل الدين، وفتنة المذنب في الشهوة" وهذا كله إنما يطرد ويستقيم إذا لم يقترن بأحدهما قرائن وأحوال تنقله عن رتبته.
ومن هذه الأمثلة على هذه القرائن والأحوال: أن المخالفة- معصية كانت أو بدعة- تعظم رتبتها إذا اقترن بها المداومة والإصرار عليها أو الاستخفاف بها أو استحلالها أو المجاهرة بها أو الدعوة إليها ، ويقل خطرها إذا اقترن بها التستر والاستخفاء أو عدم الإصرار عليها أو الندم والرجل عنها.

ومن هذه الأمثلة على هذه القرائن أيضا: أن المخالفة في ذاتها تعظم رتبتها بعظم المفسدة، فما كانت مفسدته ترجع إلى كلي في الدين فهو أعظم مما كانت مفسدته ترجع إلى جزئي فيه، وكذلك : ما كانت مفسدته متعلقة بالدين فإنه أعظم مما كانت مفسدته متعلقة بالنفس.
والحاصل أن الموازنة بين البدع والمعاصي لابد فيها من مرعاة الحال والمقام، واعتبار المصالح والمفاسد، والنظر إلى مآلات الأمور، فإن التنبيه على خطورة البدع والمبالغة في تعظيم شأنها ينبغي ألا يقضي - في الحال أو المآل- إلى الاستخفاف بالمعاصي والتحقير من شأنها ، كما ينبغي أيضا ألا يفضي التنبيه على خطورة المعاصي والمبالغة في تعظيم شأنها- في الحال أو المآل - إلى الاستخفاف بالبدع والتحقير من شأنها

أما عن العلاقة بين البدعة والمصلحة المرسلة وخصائص البدعة

أ- وجوه اجتماع البدعة والمصلحة المرسلة:

١- أن كلا من البدعة والمصلحة المرسلة مما لم يعهد وقوعه في عصر النبوة، ولا سيما المصالح المرسلة، وهو الغالب في البدع إلا أنه ربما وجدت بعض البدع- وهذا قليل - في عصره صل الله عليه وسلم، كما ورد ذلك في قصة النفر الثلاثة الذين يسألون عن عبادة النبي صل الله عليه وسلم

٢- أن كلا من البدعة- في الغالب- والمصلحة المرسلة خال عن الدليل الخاص المعين ، إذ الأدلة العامة المطلقة هي غاية مايمكن الاستدلال به فيهما.

ب- وجوه الافتراق بين البدعة والمصلحة المرسلة:
١- تنفرد البدعة في أنها لا في الأمور التعبدية ،وما يلتحق بها من أمور الدين ،بخلاف المصلحة المرسلة ؛فإن عامة النظر فيها إنما هو فيما عقل معناه، وجرى على المناسبات المعقولة التي إذا عرضت على العقول تلقتها بالقبول، فلا مدخل لها في التعبدات ،ولا ماجرى مجراها من الأمور الشرعية.

٢- وتنفرد البدعة بكونها مقصودة بالقصد الأول لدى أصحابها؛ فهم - في الغالب- يتقربون إلى الله بفعلها ،ولا يحيدون عنها، فيبعد جدا- عند أرباب البدع- إهدار العمل بها؛ إذ يرون بدعتهم راجحة على كل مايعارضها، بخلاف المصلحة المرسلة؛ لأنها إنما شرعت لأجل بها إلى تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة، ويدل على ذلك أن هذه المصلحة يسقط اعتبارها والالتفات إليها شرعا متى عورضت بمفسدة أربى منها، وحينئذ فمن غير الممكن إحداث البدع من جهة المصالح المرسلة .

٣- وتنفرد البدعة بأنها تؤول إلى التشديد على المكلفين، وزيادة الحرج عليهم ،بخلاف المصلحة المرسلة؛ فإنها تعود بالتخفيف على المكلفين، ورفع الحرج عنهم ، أو إلى حفظ أمر ضروري لهم.

٤- وتنفرد البدعة بكونها مناقضة لمقاصد الشريعة ، هادمة لها، بخلاف المصلحة المرسلة ؛ فإنها - لكي تعتبر شرعا- لابد أن تندرج تحت مقاصد الشريعة ، وأن تكون خادمة لها ،وإلا لم تعتبر.

٥- وتتفرد المصلحة المرسلة بأن عدم وقوعها في عصر النبوة إنما كان لأجل انتفاء المقتضي لفعلها ، أو أن المقتضي لفعلها قائم لكن وجد مانع يمنع منه ، بخلاف البدعة فإن عدم وقوعها في عهد النبوة كان مع قيام المقتضي لفعلها ،وتوفر الداعي ، وانتفاء المانع.
(والحاصل) - أن المصالح المرسلة إذا روعيت شروطها كانت مضادة للبدع ، مباينة لها ، وامتنع جريان الابتداع من جهة المصلحة المرسلة؛ لأنها - والحالة كذلك- يسقط اعتبارها ولا تسمى إذ ذاك مصلحة مرسلة ، بل تسمى إما مصلحة ملغاة أو مفسدة.
أما خصائص البدعة:
بنظرة فاحصة في القيود الثلاثة الواردة في المعنى الشرعي للبدعة يمكننا استخراج سمات البدعة وخصائصها، تلك الخصائص التي تفترق بها البدعة عما يشتبه بها ويقترب منها. وهي أربع خصائص:
الأولى: أنه لا يوجد في النهي عن البدعة -غالبا- دليل خاص، وإنما يستدل على النهي والمنع منها بالدليل الكلي العام.

الثانية : أن البدعة لا تكون إلا مناقضة لمقاصد الشريعة، هادمة لها ، وهذا هو الدليل الكلي على ذمها وبطلانها ، ولأجل ذلك وصفت في الحديث بأنها ضلالة.

الثالثة: أن البدعة - في الغالب- إنما تكون بفعل أمور لم تعرف في عهده صل الله عليه وسلم ولا في عهد صحابته رضي الله عنهم
قال ابن الجوزي : " البدعة: عبارة عن فعل لم يكن؛ فابتدع"
ولذا سميت البدعة بدعة ؛ فإن البدعة في اللغة : الشيء الذي أحدث على غير مثال سواء كان محمودا أو مذموما، ومن هذا الوجه أطلق بعض السلف لفظ البدعة على كل أمر - محمودا كان أو مذموما - لم يحدث في عهده صل الله عليه وسلم، كما ورد ذلك عن الإمام الشافعي.

الرابعة :أن البدعة مشابهة ولابد للأمور الشرعية ملتبسة بها.
بيان ذلك : أن البدعة تحاكي المشروع وتضاهيه من جهتين:

١- من جهة مستندها؛ إذ البدعة لا تخلو من شبهة أو دليل موهوم، فهي تستند إلى دليل يظن أنه دليل صحيح، كما أن العبادة المشروعة تستند ولابد إلى دليل صحيح.

٢- من جهة هيئة العبادة المشروعة وصفتها ؛ من حيث الكم أو الكيف أو الزمان أو المكان، أو حيث الإلتزام بها ، وجعلها كالشرع المحتم.

كتاب قواعد معرفة البدع ( محمد بن حسين الجيزاني)
 البدعة والقيود الشرعية وعلاقتها بالسنة والمعصية والمصلحة المرسلة وخصائصها

البدعة والقيود الشرعية وعلاقتها بالسنة والمعصية والمصلحة المرسلة وخصائصها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

mdwab

جريدةجريدة مصر غدآ

رائيس مجلس إدارة احمد مهران الزبداني ابو العزايم محمود عطية نائب مجلس إدارة جريدة جريدة مصر غدآ وبرنامج أراء حرة ...)

يعرض هذا النمودج الجدول الزمني لأوبئة COVID-19.

corona-virus-statistique.txt جارٍ عرض corona-virus-statistique.txt.

أكتب كلمة البحث هنا