ميتافيرس ...مستقبل العمران البشري في عالم ما بعد الإنترنت
كتب _ عبدالرحمن شاهين
واليوم يلوح في الأفق طريق ثالث يسد الفجوة بين هذين العالمين، الواقعي والرقمي، ليأخذ من الواقع شيئاً، والرقمي أشياءً، وخصائص أخرى، حيث بات العالم أقرب أكثر من أي وقت مضى من الانتقال إلى مرحلة الحياة الافتراضية الكاملة، التي أطلق عليها مارك زوكربرغ، المؤسس والرئيس التنفيذي لفيس بوك "ميتافيرس" أو "ما وراء العالم".
وفي هذا الإطار، أصدر مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة–أبوظبي دراسة جديدة بعنوان "الميتافيرس .. مستقبل العمران البشري في عالم ما بعد الإنترنت" للدكتور إيهاب خليفة رئيس وحدة التطورات التكنولوجية، سلط من خلالها الضوء على خصائص هذ العالم الجديد الذي أصبح على شفا الاقتراب من حياة جميع البشر.
وأوضحت الدراسة أن ميتافيرس هو مجموعة لا متناهية من العوالم الافتراضية، يمكن إنشاؤها عبر مساحات مختلفة داخل الإنترنت، مثل العوالم التي تحدث عنها فيلم Ready player One في 2018، حينما جسد الواقع الذي ستعيشه البشرية في 2045.
ولفتت الدراسة إلى أنه بدل الدخول إلى ذلك العالم الجديد عبر شاشات الكمبيوتر، وأجهزة الهواتف الذكية، سيكون الدخول إليه عبر نظارات الواقع الافتراضي، التي تستخدم في ألعاب الفيديو حالياً، لكن وبدلاً من استخدامها للعب، سيعاد تصميمها لتصبح بديلاً للهواتف الذكية، فتصبح متصلة بالإنترنت، وستدمج تقنيات الواقع المعزز معها، زهب التقنيات التي تعرض المعلومات عن كل ما تقع عليه عينك في الواقع الحقيقي، وبذلك تدمج تقنية الواقع الافتراضي الذي تغلب عليه التصميمات الرقمية، مع الواقع المعزز الذي يغلب عليه الواقع، فينشأ عالم مختلط هو متيافيرس.
وأكدت الدراسة أن العالم بات مهيأ لذلك بالفعل بعد انتشار ثقافة العمل والتعليم والتسوق عبر الإنترنت، بعد أن بات جزء كبير من الحياة الإنسانية "أون لان"، وأصبحت الأجيال الأقل سناً مرتبطة بالتكنولوجيا أكثر من ارتباطها بممارسة الهوايات التقليدية مثل الرياضة والرسم. ولأن هذا العالم الجديد يقدم فرصاً حقيقية في إنشاء عوالم افتراضية وفق رغبات المستخدمين وأحلامهم، فإنهم يجدون فيه متنفساً عن الواقع الذي بات مزعجاً إلى حد كبير.
واستعرضت الدراسة حياة البشر في عالم ميتافيرس، ووصفتها بالخالية من المشاكل، حيث يستطيع الشخص تحقيق طموحاته وبناء حياته المثالية، إلا أن الدراسة حذرت من الابتعاد عن الحياة الواقعية، والتحول عن عمران الأرض والتفاعلات الإنسانية بشتى أنواعها، حيث أن بيئة ميتافيرس كلها مصطنعة ومرتبة وفق خيال المستخدم ورغباته، كأنه يكتب رواية سعيدة ثم يعيش أحداثها بنفسه، فيُدمنُها ويصبح غير قادر على الخروج منها لمواجهة الواقع.
يذكر أن مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة يشارك بهذه الدراسة في النسخة الأولى من "الكونغرس العالمي للإعلامي" الذي يقام من 15 إلى 17 نوفمبر(تشرين الثاني) الجاري في أبوظبي ليركز على قطاع الإعلام، ويتيح فرصاً لمؤسساته المختلفة لبحث الشراكات وسبل التعاون في تعزيز آليات تطوير وسائل الإعلام، بحضور نخبة من رواد صناعة الإعلام والمتخصصين والمؤثرين العالميين، والأكاديميين، والشباب، وطلبة الجامعات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق